الدراما الرمضانية الجزائرية لم تتناول المأساة الفلسطينية على الإطلاق، هذا الموسم وفي غيره من المواسم السابقة وكأني بها غير معنية، وهذه الفكرة طرحت تساؤلا لأحد الأصدقاء العرب بمحتوى تساؤلي هل عجزنا عن استحضار فلسطين في مسلسلاتنا؟
لقد بدا لي الأمر جدير طرحه على الجزائريين على قاعدة أن المواقف للسلطات العمومية المعلنة تجعل من فلسطين القضية المقدسة ،فهل هي غير مقدسة عند المنتجيين والدراما أم ربما مجرد تأخر على مواكبة المأساة لظروف واقعية وإنتاجية، أم أن ثقافة منتجو الدراما عندنا لا تعنيهم فلسطين دراميا بقدر ما تعنيهم أشياء أخرى ، مبدئيا الموضوع شائك على ما يبدو ومن الطبيعي أن يختار المنتج موضوعا دراميا يناسبه ، رغم أني اعتقد أن تناول مأساة فلسطين ضمن نسق درامي في مسلسلاتنا ستزيد من الإقبال و الإحترام لأصحابها ، لما يجول في المجتمع من مشاعر وعواطف جياشة تجاه فلسطين..
لا اختلاف أن الدراما صورة طبق الأصل عما يطرأ في المجتمع من أحاسيس وعواطف متصاعدة والدراما تقوم باختلاق الحدوثة المناسبة لم يجري، طبعا الموضوع لا يتعلق بفلسطين فقط لكن بجميع العواطف والمشاعر التي يعبر عنها المجتمع؛ فإن من واجب الدراما تناولها، فهي رافد في صناعة الرأي العام، وفي تغيير القوانين وفي إعادة البوصلة للاتجاه الصحيح ولنا عزاء في مسلسلات “أسامة أنور عكاشة” العروبية والوطنية والقومية
لكن في الدراما الجزائرية هناك اعتناء قليل بالمأساة الفلسطينية على غرار السينما والمسرح والأغنية وما الدراما إلا جزء من ذاك كله، فلم لا تواكب هذه الفنون تلك المشاعر الجزائرية؟
ولم لا ينتج مسلسل درامي جزائري منذ الاستقلال وليس هناك سوى فيلم واحد في السينما هو فيلم ” سنعود ” فلماذا تخلفنا عن المواكبة؟!
ولفهم الأسباب يبدو لي الأمر مرتبط بانفصال وظيفي بين الانتاج الدرامي والرؤية العمومية لوظيفة الدراما وقناعات المنتجين على اعتبارِ أن الدراما في أي بلد تتجلى فيها قناعات رسمية وشعبية وفنية ، ولكي لا أكون مجحفا جدير التذكير بأن الدراما العربية برمتها متجاهلة للمأساة الفلسطينية باستثناء ضئيل المصريين.
ما يهمني هي الدراما عندنا ، أقول هذا و أعرف حساسية الموضوع في التناول على مستويات الكتابة و الإخراج والأفكار المطروحة ، ولا أخف دافعي من المقالة ما سيحدث الآن من مآس تقشعر لها الأبدان ، لكن كان سيبدو الأمر رائعا لو أن الدراما الجزائرية لا تنس المأساة الفلسطينية ولزوم اشارات عابرة أو مساحات ضيقة لكي تواكب صوة الجزائر العالمية وفلسطين.
لقد ارتبطت صورة الدراما عندنا عدم مواكبتها للتطورات المجتمعية والسياسية وكأنها خارج هذه الاهتمامات التي تموج في الواقع المجتمعي، ربما لكونها دراما تجارية ترفهية ولا تعنيها الانشغالات الأخرى التي قد تجلب على أصحابها أسئلة وتعقيدات وهذه أمور تحدث في جميع الإنتاجات العالمية عندما تتطرق الدراما للقضايا الحساسة لأن الفنان مندفع في تعابيره العاطفية ومشاعره..ربما ستستيقظ الدراما الجزائرية على أهمية تناول المأساة الفلسطينية كأحد أبرز ما يمكن أن يميزنا كدراما لكن بكتابة راقية
يسين بوغازي