حفزتني على كتابة هذا الموضوع ادماج نقطة من برنامج مجلس الوزراء المنعقد برئاسة السيد عبد المجيد تبون رئيس الجمهورية يوم 20 افريل 2025 تحت بند “التعبئة ” ويندرج هذا الموضوع في ظل اظطرابات وتهديدات حقيقية ضد امن واستقرار الجزائر .
زمان كانت هناك منظمات تعمل على التعبئة اليومية للشباب والطلبة وكل المجتمع تمثلت في الكشافة ،الاتحاد الوطني للشبيبة الجزائرية ،الحزب الواحد جبهة التحرير الوطني ،المدرسة،الجامعة الخ الكل اوا الاغلبية كانت واعية بكل ما يتعلق بالوطن ،حاليا الوسيلة التي تعبى وتصنع الراي هي شبكات التواصل الاجتماعي وانتقلت حلبة صراع الحضارات وصراع على تقوية النفوذ عبر هذه الأخيرة بالطبع ليست لوحدها لكن اصبح دورها مهم وخطير في نفس الوقت ، وازدادت تعقيدا بعد ان أضيفت إلى الحلبة “الذكاء الاصطناعي”.
وهذا ليس موضوعنا اليوم .
اليوم والجزاير مستهدفة من قبل عدة اطراف وتحالفات تحاول تاديبها نظرا لمواقف ثابتة وتقريبا استثنائية فيما يخص قضايا مبدئية مثل القضية الفلسطينية ومسألة التطبيع والقضية الصحراوية واخيرا قضية سيادة القرار الجزائري .
ماهو دور الدراما ولما اقول الدراما اقصد المسلسلات ،الافلام والمسرحيات في عملية تعبئة المواطن؟
هل لعبت الدراما الجزائرية في السنوات الاخيرة هذا الدور؟ وهل هي مهيأة اليوم لتلعب هذا الدور
تلعب الدراما بصفة عامة دورًا حيويًا في تثقيف المجتمع ورفع الوعي، وتعد وسيلة قوية للتأثير على الأفكار والقيم الاجتماعية من خلال سرد قصص تعكس الواقع أو تتحداه. ومن أهدافها الأساسية :
1. رفع الوعي بالقضايا الاجتماعية
– تطرح الدراما قضايا مثل العنف الأسري، التمييز، الفقر، أو الصحة النفسية، مما يجعلها مرئية للجمهور.
نجد ذلك في – مسلسل *”The Wire”* (الولايات المتحدة): ناقش قضايا الفساد، وتجارة المخدرات، وانهيار النظام التعليمي.
– مسلسل *”تكّي”* (السعودية): تناول تحديات الشباب في الموازنة بين التقاليد والحداثة.
2. تعزيز القيم الإيجابية :
– تعكس الأعمال الدرامية قيمًا مثل التسامح، العدل، والتضامن، وتشجع على تبنيها.
مثال ذلك – مسلسل *”Friends”* (الولايات المتحدة): ركز على الصداقة وقبول الاختلافات.
– مسلسل طاش ما طاش”* (السعودية): انتقد السلوكيات السلبية بطريقة كوميدية لتعزيز الأخلاق.
3. نقد السلبيات المجتمعية
– تُوجه الدراما رسائل نقدية لظواهر سلبية مثل العنصرية أو الفساد عبر حبكة درامية جذابة.
– مثل فيلم *”Black Mirror”* (بريطانيا): كشف مخاطر التكنولوجيا على العلاقات الإنسانية.
– مسلسل *”القاهرة كابول”* (مصر): ناقش قضايا الإرهاب والتطرف.
4. الحفاظ على الهوية الثقافية
– تعيد الدراما إحياء التراث والقصص التاريخية، وتعزز الانتماء.
– مثل مسلسل *”قيامة أرطغرل”* (تركيا): سلط الضوء على التاريخ الإسلامي والعثماني. في اطار استراتجية استرجاع ما فات اي الإمبراطورية التركية.
– مسلسل *أم هارون”* (السعودية): تناول التعايش بين الأديان في الخليج قديمًا.
5. تمكين الفئات المهمشة
– تعطي صوتًا للفئات التي تُهمل في الخطاب العام، مثل النساء، ذوي الإعاقة، أو الأقليات.
– مثل مسلسل *”Orange is the New Black”* (الولايات المتحدة): سلط الضوء على حياة السجينات.
– مسلسل *”همس القلوب”* (السعودية): تناول قضايا المرأة وحقوقها في المجتمع.
6. تحفيز الحوار المجتمعي
– تخلق الأعمال الدرامية نقاشات عامة حول قضايا كانت تُعتبر “تابوهات”.
– مثال مسلسل *”13 Reasons Why”* (الولايات المتحدة): أثار حوارًا حول الانتحار والصحة النفسية للمراهقين.
– مسلسل *”عروس عمّان”* (الأردن): ناقش قضايا الزواج المبكر والعنف ضد النساء.
في هذا الإطار هل يمكننا ان نقول ان الدراما الجزائرية في السنوات الاخيرة عبرت عن هموم وتحديات الوطن؟
صراحة رغم نقص وحدود الانتاج الدرامي في الجزائر إلا ان الجواب بلا الدراما الجزائرية حتى اكون منصفة تسرد بعض القضايا المجتمعية كمشكلة المخدرات والطلاق والرشوة والفساد لكن تبقى بعيدة كل البعد على القضايا الكبرى مثل ما نجده في الدراما المصرية والسورية تقريب أغلبية المسلسلات تشير إلى قضايا أوطانها ،حيث مازالت المسلسلات المصرية تعبى المواطن المصري وتشير دائما إلى الخطر الصهيوني على امن واستقرار مصر وهنا لا بد ان أشير إلى دور شركة الإعلام والإنتاج “المتحدة”
في هذه السنة من 9 مسلسلات جزائرية في شهر رمضان نجد مسلسلين تطرقوا لقضايا وطنية تهم البلاد وأمن البلاد اما الباقي تقريب نفس المواضيع التي تتكرر كل سنة وهنا قد سقطنا في “التنميط” وعلينا ان نسأل عن الأسباب الحقيقية وبكل موضوعية
نجمعها فيمايلي:
-عدم توفر استراتجية درامية مثل ما نجده في كل الدول العربية في اختيار المواضيع وتثبيت الرسآئل
⁃ هناك ضغوط شخصية وضغط الجمهور :حيث اصبح ا الجمهور عن طريق شبكات التواصل الاجتماعي يمارس ظغط في كثير من الاحيان غير موضوعي مما أدي إلى مسلسلات بمواضيع ومعالجات سطحية
⁃ التمويل: اصبح هذا العامل يشكل فعلا عرقلة لإنتاج مسلسلات ذات قيمة مقارنة بالدول الأخرى القريبة وفي هذاه النقطة اصبح الممول هو الذي يتحكم في اختيار المواضيع والممثلين وحتى الحبكة الدرامية وهنا يكمن الخطر لما يكون الممول ضعيف المستوى او له اهداف خفية
⁃ ضعف مستوى الكثير من المنتجين
⁃ ضعف الورق المقدم على شكل سيناريوهات
في الأخير ا أوكد على ان الدراما ليست مجرد تسلية، بل *مرآة تعكس المجتمع* وأداة لتغييره، هي اداة للتعبئة الجماهير حول قضايا مصيرية لاوطانها خاصة عندما تلتزم بالتوازن بين الجودة الفنية والعمق الفكري. عندما تُنتج بوعي، يمكنها أن تكون جسرًا لفهم التعقيدات الإنسانية وبناء مجتمع أكثر إدراكًا ووعيا.
وعليه اعادة النظر في تحديد ماذا نريد ، هل نريد فعلا دراما جزائرية تحكي القصة الجزائرية وهذا يتطلب قرار سياسي واضح .
المنتجة سميرة بن سودة حاج جيلاني